لحليمي يدعو إلى ضرورة تعزيز الاستثمارات الإنتاجية لتجنب تفاقم ضعف النمو

 

تراجع القوة الشرائية للأسر دفع كثيرا منها للاستدانة من أجل مواجهة موجة الغلاء

 

سنة صعبة عاشها المغاربة في 2022 عنوانها الرئيسي «هيمنة التضخم واستفحال معضلة الجفاف»، وهو ما تسبب في تعطل أهم محركات النمو الاقتصادي وانهيار القوة الشرائية للأسر التي عرفت من جهتها هبوطا بنسبة 1.9%، في ظل التأثير المشترك للانخفاض في الدخل الفلاحي والزيادة في التضخم.. تلك هي أهم خلاصات كلمة أحمد لحليمي علمي، المندوب السامي للتخطيط، للميزانية الاقتصادية التوقيعية.
وأوضح لحليمي، في كلمة تليت بالنيابة عنه خلال ندوة صحفية عقدت أول أمس بالرباط، أن الأسرالمغربية قد اضطرت للحفاظ على استهلاكها، إلى الاعتماد جزئيا على مدخراتها والرفع من استدانتها. حيث انخفضت الودائع لأجل في البنوك بنسبة 7.7% في نهاية نونبر 2022، بدلاً من زيادة بنسبة 4.6%في العام السابق، وزادت قروض الاستهلاك بنسبة 3.8% خلال نفس الفترة. بشكل عام، يقول لحليمي، الزيادة المتوقعة في استهلاك الأسر لن تتجاوز 2.2%سنة 2022، عوض 8.2% في العام السابق.
ودعا لحليمي إلى ضرورة تعزيز الاستثمارات الإنتاجية لتجنب تفاقم ضعف النمو الاقتصادي، معتبرا أن على عكس ما هو متعارف عليه سابقا، ستلعب المقاولات الخاصة والأسر دورًا حاسمًا في إنعاش رأس المال المادي، إذ أنها تؤمن 66 من إجمالي تكوين رأس المال الثابت الإجمالي، على عكس الجماعات الترابية التي يسجل فيها المعامل الهامشي لرأس المال (ICOR)مردودية جد منخفضة، كما ينبغي أن يشكل الاستثمار العمومي في نهاية المطاف عاملاً للنمو من خلال التشجيع على زيادة الاستثمار الخاص بشكل أكبر وأكثر فعالية.
وأكد لحليمي أن الصدمات التي يتعرض لها اقتصادنا، على الرغم من مرونته النسبية، تسبب أضرارا أكثر استمرارية على الموارد الاقتصادية ورأس المال الإنتاجي والبشري. موضحا أنه خلال العقد 2010، ونتيجة لصدمة الأزمة المالية الدولية، فقدنا 75 ألف منصب شغل من إمكاناتنا لخلق فرص العمل، وانخفضت دينامية نمو مخزوننا من رأس المال المادي بمقدار 0.7 نقطة. وفي سنة 2022، قاربت الخسائر حوالي 22 ألف وظيفة في أعقاب الأزمة الصحية لكوفيد-19، واستقرت في -1.3 نقطة من حيث دينامية نمو مخزون رأس المال.
وتوقع المندوب السامي أن تنتهي سنة 2023 بعودة النمو إلى مسار تطور أقل استدامة مقارنة بفترة ما قبل الأزمة، مع مكاسب صغيرة على مستوى اختلالات الاقتصاد الكلي ومخاطر غلاء كلفة التمويل. إن زيادة التهديدات حول تطور مردودية المقاولات تزيد من خطر إضعاف أكبر للإنتاجية والنمو المحتمل، في سياق ارتفاع تكاليف التمويل. وتجدر الإشارة إلى أن معدل النمو المحتمل قد انخفض تدريجيا من حوالي 4.8+% في المتوسط ​​السنوي خلال الفترة 2000-2009 إلى ما يقرب من 3.4% خلال الفترة 2010-2019.
ووعد لحليمي بتقديم مقاربة استشرافية للنمو حيث شرعت المندوبية السامية في تقييم الجهود التي يتعين بذلها لإعادة آفاق النمو الاقتصادي إلى مسار نمو أكثر استدامة وشمولية ومرونة، في إطار 3 سيناريوهات، يستشرف السيناريو الأول، وهو من النوع «الاتجاهي»، آفاق النمو بحلول سنة 2035 من خلال الاعتماد على الخصائص البنيوية للاقتصاد الوطني كما تمت معاينتها خلال السنوات الأخيرة. ويقيم السيناريو الثاني، الذي يسمى «NMD»، الجهود التي يجب بذلها لتحقيق الأهداف التي حددها النموذج التنموي الجديد. فيما تمت محاكاة السيناريو الثالث، ويسمى «قابل للتحقيق»، من أجل تقييم الجهود التي يجب بذلها والقيام بها، مع الأخذ بعين الاعتبار القدرات التمويلية الممكنة للاقتصاد المغربي، لزيادة النمو وتحسين مستويات تحقيق أهداف التنمية المستدامة.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 14/01/2023